Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

اللطف القلق في بيئة العمل

دليلك للتعرف على مفهوم اللطف القلق في بيئة العمل، أسبابه نتائجه وطرق مواجهته

تُعرف اللطافة – Niceness كصفة حميدة وضرورية في التعاملات اليومية سواء كانت في الأوساط الاجتماعية أو بيئات العمل التنافسية، كما وتمتلك سمعة إيجابية تمتدّ بدءًا من منصات التواصل الاجتماعي وصولاً لأقسام الموارد البشرية وتنمية الأفراد في المؤسسات والشركات. لكن ماذا إن تمّ الإفراط في اللطافة، كيف سيؤثر ذلك على بيئة العمل التنافسية؟ وهل تُنتج اللطافة المفرطة لطافةً في المقابل أم العكس؟ ستطرح التدوينة إجابات لهذه الأسئلة.

الإفراط في اللطف – اللطف القَلِق

برؤية مختلفة، تناولت الدكتورة النفسية تيسا ويست ثقافة إبداء الملاحظات في العمل لتعرض مصطلح اللطف القلق – Anxious Niceness، وهو الإفراط في اللطف عند تقديم التغذية الرجعية أو إبداء الملاحظات. وناقشت كيف يمكن للتغذية الرجعية المفرطة اللطف أن تؤدي لنتائج عكسية بحيث تعيق النمو الشخصي والمهني، حيث يكون لذلك آثار بعيدة المدى. يتضمن اللطف القلق، الذي لوحظ في السيناريوهات الاجتماعية المتوترة والبيئات التنافسية مثل بيئة العمل، تقديم إطراءات عامّة وغير تخصصية وتجنب الملاحظات التفصيلية والصادقة. وبحسب خبراء علم نفس الشخصية فإنّ المصطلح العلميّ الذي يُقابل صفة اللطف الزائد يسمى “التوافقية المفرطة”.

لكن كيف يحدث هذا، ولم تصبح اللطافة مضرّة، ولماذا يجب على اللطافة في العمل أن تكون محدودة وتفصيلية عوضًا عن كونها عامةً وزائدة؟

بدايةً، كيف يكون اللطف القلق في بيئة العمل مضرًا؟

“إن السلوك المنطوي على نيّة حسنة ضروري للمجتمع المتراحم، ولكن له جانب سلبي، فكون الشخص لطيفاً، غالباً يعني أن يتحمل الكثير جداً، وأحياناً يكذب، ويحاول جاهداً ودائماً الاقتراب من الكمال، ويقع ضحية لسلوكيات أخرى ضارة بالنفس، والسلامة”

– ديوك روبنسون، كتاب “لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم”

تنبع الرغبة في إصدار التعليقات مفرطة اللطف بين أعضاء الفريق وبين الفريق والمدراء من رغبة ملحّة للسعي للكمال، والاندماج التامّ في المحيط، والقلق من مواجهة الصراعات والاختلافات في محيط العمل. فبدلاً من تعزيز المهارات وإلقاء الضوء على المشاركات المحورية في الوظيفة فإنها تؤدي للتالي:

1- تجعلك غير مرئيًا في العمل:
تُجبرك هذه الصفة على قبول الكثير من المهام التي تفوق طاقتك الاستيعابية وتتجاوز حدود وظيفتك ما يؤدي سريعأ للاحتراق الوظيفي. وبهذا يصعب حماية حقوقك ومصالحك مما يسمح للآخرين بتجاوز حدودك الشخصية والوظيفية، كما يجعلك أكثر عرضة للخداع والتلاعب.

2- تقف عائقًا بينك وبين ذاتك:
تعيقك صفة اللطافة الزائدة عن التعبير بأصالة عن ذاتك الحقيقية ومشاركة أفكارك وآرائك بفعالية في بيئة العمل. كما أنها ستؤثر على تلقيك ملاحظات صادقة وبناءة من مدرائك وزملائك مما سيؤخر تحسنك الذاتي والمهني. عادةً ما يتمّ تهميش الغير قادرين عن التعريف عن أنفسهم وحقوقهم بثقة في مساحات تنافسية كبيئة العمل.

3- تُفقدك مصداقيتك:
تُقابَل هذه الصفة عادةً بقلق وشكوك ما إذا كانت هناك دوافع خفية أو أهداف مستترة للأفعال والأقوال اللطيفة، فتصبح الثقة الممنوحة إليك من زملائك ومدرائك محدودة للغاية. نتيجة لذلك:

4- تُكلّفك خسارة الكثير من الفرص:
لأن فرص التطور المهني والوظيفي لتحقيق نجاح أكبر تأتي من الثقة التي يمنحها رؤسائك في العمل. إن إظهار ذاتك الحقيقية بكامل طاقاتها وإمكاناتها والاستثمار في وظيفتك والسعي الدائم لتطويرها بشغف وصدق هو السبيل للتدرّج الوظيفي وتحقيق التطوّر المستدام.
لتجنب هذه الأضرار يجب أولاً التعرّف على علامات اللطف القلق لتتبعه والنجاح في تجاوزه.

علامات اللطف القلق في العمل

1- الإيثار الكاذب:
وهو الشعور بعدم الراحة المصاحب للحصول على فرصة تطوير أو تدريب مهني حيث تُعطي الأولوية للآخرين للحصول عليها رغم استحقاقك، أو من خلال عدم المطالبة بالحصول على ذات الحقوق التي يحصل عليها الجميع لتجنّب إشعار الآخرين بالسوء.

2- الخضوع وكبت المشاعر:
يمكن تتبع هذا في أقوال مثل “كان من الممكن أن أظلّ صامتًا بدلاً من تقديم هذا النصح أو إبداء هذا التقييم” أو “كان يجب عليّ أن أقبل هذه المهمّة فحسب”. فتكون النتيجة العدول عن إبداء الملاحظات بمنطقية والخضوع لللطف القلق لتفادي الصراعات والنقاشات المطوّلة.

3- انعدام التمكين الذاتي:
يتمثّل في تزعزع الثقة في النفس من أفعال وأقوال وأفكار، وتدني احترام الذات واهتزاز الصورة الداخلية التي ترى من خلالها نفسك وإنجازاتك. يحدّ ذلك من مشاركاتك ومساهماتك في العمل، مما يعيق التمكين الذاتي والوظيفي.

4- التعقّل الزائد:
إضافةً لما سبق، تأتي العقلانية الزائدة كسلاح ذو حدّين ويتمّ الخلط بينها وبين الحكمة في التعامل مع الآخرين في العمل. وتظهر في أقوال مثل: “أعلم جيدًا أن رأيي لن يُحدث فرقًا على أي حال” أو “حتمًا ثمة شخص آخر قد يطرح الفكرة أفضل مما قد أفعل أنا”.

الآن وقد أصبح تتبع إشارات اللطف القلق ممكنًا، إليك بعض الحلول لتحويل اللطف الزائد لتمكيني، حيث ستتوفر لك بيئة عمل صحية ومريحة دون أن يعيق مسيرتك الشخصية والمهنية وسعيك للتطور الوظيفي.

خمس مقترحات لتجاوز اللطف القلق

1- تحديد الأنماط والممارسات:
يساعدك تحديد النمط على التعرّف على الدوافع والمحفّزات، مما يُسهّل تتبعها ومواجهتها.

2- تعزيز الوعي والثقة بالنفس:
تطوير علاقة وثيقة مع الصورة الداخلية والتوقعات الشخصية والعملية من الذات من خلال التمرّن على:

3- الخروج من منطقة الراحة (كن ممتنًا للمواقف غير المريحة):
حيث ستحفّزك المواقف غير المريحة في العمل على التعلم والتطور المستمر. يساعد الخروج من منطقة الراحة على تحقيق أهداف أسمى وتمكين النفس والآخرين.

4- التدرّب على الحزم:
يميل أصحاب اللطف القلق إلى الابتعاد عن إثارة أحزان الآخرين؛ لذا فالتدرب على الحزم واتخاذ القرارات ضروري من خلال التركيز على الأهداف والنتيجة مع الحفاظ على درجة كافية من اللطافة والأدب.

5- كن محددًا في الملاحظات والتقييمات:
تختم د. ويست حديثها عن اللطف القلق باقتراح فعّال: قدّم تعليقاتك بتخصصية – كن محددًا في الإشارة للسلبيات، وفي الإشادة والمدح في محيط العمل. على سبيل المثال، لا تقدّم تعليقات عامة على هيئة “حاول أن تكون مبادرًا أكثر” بل قل “حاول أن تشارك بفعالية في اجتماعات العمل ومبادرًا في تحديد الجداول الزمنية مع الفريق”. أو بدلاً من “التزامك بالوقت مثير للإعجاب”، قل “لقد كان مفيدًا للفريق تواجدك في غرفة الاجتماعات في تمام الخامسة”. (انظر للصورة المرفقة للتعرف على الأبعاد الأربعة لتقديم الملاحظات في العمل تبعًا للدكتورة ويست).

اللطف القلق في بيئة العمل
المصدر: The problem with being too nice at work | Tessa West | TEDxColumbiaUniversity

 

ما يجعل اللطف القلق صفة تعود بالضرر على أصحابها هو ما يؤكد أهمية الحزم والصدق في تعاملاتك اليومية في محيط العمل، وأن إبداء وتلقي الملاحظات بصدق له أثر أكبر على نجاحك من أثر اللطف المفرط.
لذلك تخلّص من اللطف القلق، واحمِ حدودك واعمل بجهد على تمكين ذاتك وتسريع تطورك حتى تحقق النجاح المستدام، فبمجرد أن تقفز خارج دائرة اللطف القلق، ستكسب احترام الجميع.

 

تعرّف على خبيرة قدها في الصحة النفسية، الدكتورة لينه اميرى

تواصلنا بلا نهاية، تماماً مثل دائرة من النجاحات

Newsletter Signup
Say Hello
الاشتراك في نشرة قدها الإلكترونية
منصّاتنا
GADHA © 2025. All Rights Reserved.
This site is registered on wpml.org as a development site. Switch to a production site key to remove this banner.